رن هاتفه و هو لا يزال على سريره، ايقضه من النوم في علهٍ، الا انه سرعان ان تكهن بالمتصل، لابد انه بيرنار. لقد طلب منه الليلة الماضية ان يتصل به عندما يقترب من باب العمارة بسيارته. التقط الهاتف من على الطاولة التي بالقرب من السرير و اجاب
ـ الو بيرنار،
ـ انا على باب العمارة هل انت جاهز؟
ـ نعم، اعطني فقط خمس دقائق.
ـ حاضر،لكن اسرع ارجوك .
ـ نعم، حالا.
قفز من سريره على غير المعتاد، و في عجل التقط ملابسه، ارتداها ثم خرج من غرفته مسرعا.
و جد امه حليمة و اخته الصغرى نادية تتناولان طعام الافطار، قبلهما و اخد تفاحة من على المائدة واتجه مسرعا نحو الباب. امسكته امه من يده و قالت:
ـ الى اين انت ذاهب؟ اجلس و افطر معنا.
ـ لا اقدر يجب ان اذهب.
تتدخل نادية .
لا بد انه بيرنار، ينتظره؟ الم تسمعي رنين الهاتف.
و اذا بصوته يرتفع
ـ وما همك انت
و يكمل طريقه الى الخارج.
يخرج من باب العمارة، يرفع يده محييا حارسها و يصعد السيارة التي كانت بانتظاره فيدنو منه بيرنار ليقبله الا انه يبعده بيده ثم يقول:
ـ ليس هنا، لقد قلتها لك مرارا. يمكن لأي احد ان يرانا.
يعبس بيرنار في و جه و يشغل السيارة، بعد ان ابتعدا عن المكان يمد يده و يضعها على يد بيرنار.ثم يسترسل قائلا :
ـ لم تقل لى اين سنذهب؟
ـ قلت لك البارحة انها مفاجأة، لكن لابأس ان تعرف اذا اصريت على ذالك. اريد ان أعرفك على مجموعة من اصدقائي.
ـ لكن لماذا؟
ـ لطالما حدثهم عنك و يريدون التعرف على الشخص الذي احب.
يجلس صامتا،و ينظر من النافذة. يستشعر بيرنار قلقه فيكمل
ـ لا داعي للقلق، انهم لطفاء. و مثلنا مثليين.
ـ هذا ما يقلقني،انك تعلم اني لا احب لفت الأنظار؟
ـ لماذا تظن اننا سنلفت الأنظار، وحتى ان فعلنا ذالك ماذا سيقع؟
ضل صامتا و لا يجيب
ـ لا تخف، سنجلس في مقهى للمثليين.
يظل الاثنان بدون كلام الى ان يصلا الى المقهى فيترجل الشابان من السيارة. يمسك بيرنار بيده و يقوده داخل المقهى يلتفت حوله بحثا عن اصدقائه فلا يرى احدا و اذا بشخص يجلس و حيدا يلوح بيده، يراه فيتوجه اليه
ـ اهلا، ميشال، كيف حالك.وهو يصافحه
ـ بخير، و انت.
ـ بخير، اين مات وجون.
ـ اتفقنا على اللقاء هنا و لم يحضر اي منهما بعد.
ـ كما العادة دائما متأخران.
ـ الن تعرفني على صديقك؟ انه نبيل أ ليس كذالك؟ وهو يصافحه
ـ اه، اسف. نعم نبيل. نبيل هذا صديقي ميشال.
و قف نبيل دون كلمة،
ـ سعيد بلقائك اخيرا، بيرنارد لايكف عن الحديث عنك.
ظل نبيل يتفحصه دون ان يتكلم
ـ ماذا به لا يتكلم؟
ـ لا تهتم انه خجول بعض الشيء...
يقاطعه نبيل،
ـ اسف، سعيد برؤ يتك ايضا ميشال.
ـ اجلسا و دعونا نتحدث الى ان يأ تي مات وجون. منذ متى و انتما معا؟
يجيب بيرنارد في حين ان نبيل يتفقد المكان الذي كان فارغا تقريبا.
ـ منذ ثلات اشهر، التقينا من خلال الأنترنيت
ـ انت حتما محظوظ، لالتقاءك بشخص جذاب، في حين انني لا التقي الا بأشخاص تافهين.صديقك من اصول عربية أليس كذالك؟ و هو يهمس لبرنارد
ينظر اليه باستغراب ممزوج بشيء من الغضب. و يرد
ـ لماذا هذا السؤال؟
يستشعر نبيل عدم ارتياح برنارد فيتدخل مبتسما
ـ نعم انا عربي، انا اصلا من المغرب لكني ولدت في فرنسا و اعيش في الضاحية الباريسية مع والديَّ واختي الصغرى.
يرن هاتف ميشال في خضم الحديث، يلقي نظرة على شاسة هاتفه المتنقل ويقول:
ـ انه جون
ثم يجيب
ـ الو، اين انتم يارجل، نحن في انتظاركم في المقهى منذ حوالي ربع ساعة.تأخرتم كثيرا.
يصمت هنيهة و هو ينصت الى رد محدثه ثم يكمل
ـ واو، لم اكن اعلم انها اليوم سوف نلتقيكم هناك. ما ان نصل حتى اكلمك.
ينظر اليه نبيل و برنار و التعجب مرسوم على وجهيهما، يقف ميشال و يقول
ـ يجب ان نذهب و نشاهد المسيرة
يتساءل بيرنار وهو ينظر باستغراب الى نبيل
ـ اية مسيرة؟
ـ مسيرة الفخر للمثليين
ـ هل هي اليوم؟ لم اكن اعلم ذالك.
ـ نعم، ومات و جون هناك و يجب ان نلحق بهما
ـ نعم بالطبع، هيا بنا.و هو ينظر الى نبيل الذي لا يزال جالسا.
يخرج الجميع من المقهى، متجهين الى السيارة، الا ان ميشال ينصحهم بعدم اخدها لان الشوارع ستكون مزدحمة. وانه من الافضل المشي الى المكان الذي تقام فيه المسيرة لانه ليس بعيدا.
يمشي الثلاثة و مع اقترابهم من المسيرة ترتفع اصوات الموسيقى المـمزوجة بالهتافات. يصلون الى المكان و اذا بنبيل يحس بالرهبة من الكم الهائل من الناس الذين يصطفون على جنبات الشارع الرئيسي، يحملون اعلام بالوان قوس قزح،الذي هو علم المجتمع المثلي، وبالونات بنفس الالوان، وقف مشدوها ينظر الى العربات المزينة التي تحمل رجالا يرقصون نصف عراة على انغام الموسيقى الصاخبة وهم يلوحون بالاعلام في حين ان الجماهير تصفق و تلوح لهم. ثم يقول:
ـ الان فهمت لماذا كان المقهى شبه فارغ.
فيبدأ ميشال و بيرنارد بالضحك ثم يقول ميشال
ـ الم ترى من قبل مسيرة الفخر؟
احس نبيل بالحرج، عانقه بيرنار محاولا اخراجه من الامر واعانته على تفادي الاجابة على السؤال المحرج. اخده من يده، واندمجا وسط الجماهير بحثا عن مكان يمَكنهم من تتبع المسيرة بشكل افضل.
و قفا على الرصيف في ازدحام محموم لعدد كبير من الاشخاص، ظل الاثنان ينظرون الى العربات و ايديهما متشابكتان لكي لا يضيع احدهما وسط الزحام. في هذه الاثناء، كان ذهن نبيل يشطح بعيدا في الذكريات، و بدأ يتذكر صراعاته النفسية مع ميولاته التي ضل يحاربها رافضا اياها. و كيف ان هذا الامر نغص عليه حياته و منعه من الانطلاق فيها. تذكر السنة الماضية حيث كان و حيدا،منعزلا، يصلي و يدعو الله ان يساعده على التخلص من هذه الاحاسيس و من تلك الرغبة. الى اليوم الذي توصل فيه الى الجواب، انه لا يستطيع ان يجعل ميوله يختفي بعصا سحرية وقرر ان يعيش حياته كما هي،و ان يكون صادقا مع نفسه.
استفاق من خيالاته ، نظر الى بيرنارد ثم عانقه كما لو لم يره منذ فترة طويلة. استغرب هذا الفيض من المشاعر، فنبيل ليس من النوع الذي يعبر عن حبه باستمرار وخاصة في الامكنة العامة فسأله:
ـ ما ذا بك، هل انت بخير؟
ـ لا شيء، فقط انا سعيد انني معك
ابتسما لبعضهما، ثم قبله قبلة لم يقبله مثلها و قد دامت عدة لحظات و هذه المرة لم ينهها نبيل مبتعدا عنه بل ظل يحملق في عينه الزرقاوتين ثم قبله مرة اخرى.
ظل الاثنان واقفين و سط الحشد يتابعان المسيرة الى ان انتهت ثم عادا الى نفس المقهى الذي كان هذه المرة مكتظا بالناس الذين يحتفلون بالمسيرة. وجدا اصدقاء بيرناد بالمكان تعرف اليهم نبيل ثم دعوه وبيرناد الى اكمال السهرة في منزل جون.
2
حل الليل، ها هو والد نبيل عائد من مسجد الحي بعد ادائه لصلاة العشاء، دخل الشقة و اذا بنادية تركض نحوه وتعانقه، قبلها واخرج من حقيبته علبة شكولاتة فاعطاها اياها، توجه الى المطبخ ليجد زوجته حليمة لازالت تعد طعام العشاء قبلها على خدها ثم قال:
ـ الم يجهز العشاء بعد؟ اني جائع جدا.
تجيبه و هي منهمكة
ـ اجلس واستريح، سيلزمني بعض الوقت لإنهائه.
وهو يهم بالخروج من المطبخ سألها
ـ اين هو نبيل؟
ـ لقد خرج منذ الصباح ،و لم يعد الى الان. لكنه اتصل بي ليعلمني انه سيتأخر قليلا.
جلس الاب على الاريكة، و اشعل التلفاز ليتابع اخبار اليوم كالعادة، اخد في متابعة الربوطاجات حول الأزمة المالية و بدأ في التعليق عليها كما ألف و هو يحدث نفسه. واذا بمقدم الاخبار يعلن عن ربوطاج حول المسيرة الفخرية للمثليين فبدأ يحدث نفسه.
ـ لعنة الله عليهم، الا يخجلون من انفسهم. و يجاهرون بما يقترفون من ذنب، سيحرقون جميعا في نار جهنم و عندها سيذقون العذاب.
و ينتهي الربورطاج بمشهد شابان يقبلان بعضهما و يعلق عليه المذيع قائلا و للحب اوجه عديدة.
يقفز الاب من مكانه كمن صعق بتيار كهربائي، حاول ان يضغط على جهاز التحكم ليوقف الصورة الا ان الدهشة و الارتباك حال دون ذالك. لقد خيل له انه رأى ابنه يقبل رجلا. لم يتململ من مكانه لبرهة، ظل يتساءل اذا ما رآه حقيقة او فقط خيل له من فرط التعب.فجأة قام من مكانه مسرعا و اتجه نحو غرفة ابنه حيث يوجد الحاسوب المنزلي. لقد تذكر ان بامكانه اعادة مشاهدة الاخبار على الموقع الالكتروني للقناة.
شغل الحاسوب وهو في شدة التوثر، ادخل عنوان موقع القناة ونقر الرابط المؤدي الى اخبار اليوم. بحث بين مقاطع الفيديو الى ان وجد المقطع المتعلق بالمسيرة الفخرية للمثليين فشغلها. مر سريعا عليها بغية الوصول الى المشهد الاخير، اوقف الصورة و اخد يمررها ببطء ليتحقق من الشخص الذي يقبل الشاب. فصرخ دون ان يشعر
ـ والله انه هو.
مررها مرارا و تكرارا محاولا ان يكذب نفسه الا انه لا يزيد الا تأكدا. جلسا على السرير شبه مغيب و بدأ يفكر ماذا يفعل وبدأ يتساءل اين هو ابنه الآن؟ و مع من؟ و ماذا يفعل؟
وقف و بدأ يبحث في خزانة ملابس نبيل لعله يجد شيءً يؤكد الامر اكثر، لكنه لم يجد اي شيء. فتوجه مرة اخرى الى الحاسوب و بدأ يبحث في تاريخ المواقع الا انه لم يجد اي موقع غير موقع الياهو فدخله و اذا به في علبة الايميلات الخاصة بابنه فاخد يتفحصها حيث ان اغلبها من شخص يدعى بيرنارد،قرأها و هو يرتجف غضبا من محتواها الذي ينتهي دائما بكلمة احبك.
خرج من الغرفة يشتاط غيضا، جلس على الاريكة، فنادته زوجته لتناول العشاء فأجابها صارخا
ـ لا اريد ان اكل، فقط اتركني و شأني ثم استرسل قائلا الم يقل لكِ ابنك متى سيعود؟
اجابته بالنفي مستغربة غضبه.
فوضع رأسه بين كفيه مطأطِاً ثم قال
ـ سأنتظره حتي ولو الى الفجر
ـ الو بيرنار،
ـ انا على باب العمارة هل انت جاهز؟
ـ نعم، اعطني فقط خمس دقائق.
ـ حاضر،لكن اسرع ارجوك .
ـ نعم، حالا.
قفز من سريره على غير المعتاد، و في عجل التقط ملابسه، ارتداها ثم خرج من غرفته مسرعا.
و جد امه حليمة و اخته الصغرى نادية تتناولان طعام الافطار، قبلهما و اخد تفاحة من على المائدة واتجه مسرعا نحو الباب. امسكته امه من يده و قالت:
ـ الى اين انت ذاهب؟ اجلس و افطر معنا.
ـ لا اقدر يجب ان اذهب.
تتدخل نادية .
لا بد انه بيرنار، ينتظره؟ الم تسمعي رنين الهاتف.
و اذا بصوته يرتفع
ـ وما همك انت
و يكمل طريقه الى الخارج.
يخرج من باب العمارة، يرفع يده محييا حارسها و يصعد السيارة التي كانت بانتظاره فيدنو منه بيرنار ليقبله الا انه يبعده بيده ثم يقول:
ـ ليس هنا، لقد قلتها لك مرارا. يمكن لأي احد ان يرانا.
يعبس بيرنار في و جه و يشغل السيارة، بعد ان ابتعدا عن المكان يمد يده و يضعها على يد بيرنار.ثم يسترسل قائلا :
ـ لم تقل لى اين سنذهب؟
ـ قلت لك البارحة انها مفاجأة، لكن لابأس ان تعرف اذا اصريت على ذالك. اريد ان أعرفك على مجموعة من اصدقائي.
ـ لكن لماذا؟
ـ لطالما حدثهم عنك و يريدون التعرف على الشخص الذي احب.
يجلس صامتا،و ينظر من النافذة. يستشعر بيرنار قلقه فيكمل
ـ لا داعي للقلق، انهم لطفاء. و مثلنا مثليين.
ـ هذا ما يقلقني،انك تعلم اني لا احب لفت الأنظار؟
ـ لماذا تظن اننا سنلفت الأنظار، وحتى ان فعلنا ذالك ماذا سيقع؟
ضل صامتا و لا يجيب
ـ لا تخف، سنجلس في مقهى للمثليين.
يظل الاثنان بدون كلام الى ان يصلا الى المقهى فيترجل الشابان من السيارة. يمسك بيرنار بيده و يقوده داخل المقهى يلتفت حوله بحثا عن اصدقائه فلا يرى احدا و اذا بشخص يجلس و حيدا يلوح بيده، يراه فيتوجه اليه
ـ اهلا، ميشال، كيف حالك.وهو يصافحه
ـ بخير، و انت.
ـ بخير، اين مات وجون.
ـ اتفقنا على اللقاء هنا و لم يحضر اي منهما بعد.
ـ كما العادة دائما متأخران.
ـ الن تعرفني على صديقك؟ انه نبيل أ ليس كذالك؟ وهو يصافحه
ـ اه، اسف. نعم نبيل. نبيل هذا صديقي ميشال.
و قف نبيل دون كلمة،
ـ سعيد بلقائك اخيرا، بيرنارد لايكف عن الحديث عنك.
ظل نبيل يتفحصه دون ان يتكلم
ـ ماذا به لا يتكلم؟
ـ لا تهتم انه خجول بعض الشيء...
يقاطعه نبيل،
ـ اسف، سعيد برؤ يتك ايضا ميشال.
ـ اجلسا و دعونا نتحدث الى ان يأ تي مات وجون. منذ متى و انتما معا؟
يجيب بيرنارد في حين ان نبيل يتفقد المكان الذي كان فارغا تقريبا.
ـ منذ ثلات اشهر، التقينا من خلال الأنترنيت
ـ انت حتما محظوظ، لالتقاءك بشخص جذاب، في حين انني لا التقي الا بأشخاص تافهين.صديقك من اصول عربية أليس كذالك؟ و هو يهمس لبرنارد
ينظر اليه باستغراب ممزوج بشيء من الغضب. و يرد
ـ لماذا هذا السؤال؟
يستشعر نبيل عدم ارتياح برنارد فيتدخل مبتسما
ـ نعم انا عربي، انا اصلا من المغرب لكني ولدت في فرنسا و اعيش في الضاحية الباريسية مع والديَّ واختي الصغرى.
يرن هاتف ميشال في خضم الحديث، يلقي نظرة على شاسة هاتفه المتنقل ويقول:
ـ انه جون
ثم يجيب
ـ الو، اين انتم يارجل، نحن في انتظاركم في المقهى منذ حوالي ربع ساعة.تأخرتم كثيرا.
يصمت هنيهة و هو ينصت الى رد محدثه ثم يكمل
ـ واو، لم اكن اعلم انها اليوم سوف نلتقيكم هناك. ما ان نصل حتى اكلمك.
ينظر اليه نبيل و برنار و التعجب مرسوم على وجهيهما، يقف ميشال و يقول
ـ يجب ان نذهب و نشاهد المسيرة
يتساءل بيرنار وهو ينظر باستغراب الى نبيل
ـ اية مسيرة؟
ـ مسيرة الفخر للمثليين
ـ هل هي اليوم؟ لم اكن اعلم ذالك.
ـ نعم، ومات و جون هناك و يجب ان نلحق بهما
ـ نعم بالطبع، هيا بنا.و هو ينظر الى نبيل الذي لا يزال جالسا.
يخرج الجميع من المقهى، متجهين الى السيارة، الا ان ميشال ينصحهم بعدم اخدها لان الشوارع ستكون مزدحمة. وانه من الافضل المشي الى المكان الذي تقام فيه المسيرة لانه ليس بعيدا.
يمشي الثلاثة و مع اقترابهم من المسيرة ترتفع اصوات الموسيقى المـمزوجة بالهتافات. يصلون الى المكان و اذا بنبيل يحس بالرهبة من الكم الهائل من الناس الذين يصطفون على جنبات الشارع الرئيسي، يحملون اعلام بالوان قوس قزح،الذي هو علم المجتمع المثلي، وبالونات بنفس الالوان، وقف مشدوها ينظر الى العربات المزينة التي تحمل رجالا يرقصون نصف عراة على انغام الموسيقى الصاخبة وهم يلوحون بالاعلام في حين ان الجماهير تصفق و تلوح لهم. ثم يقول:
ـ الان فهمت لماذا كان المقهى شبه فارغ.
فيبدأ ميشال و بيرنارد بالضحك ثم يقول ميشال
ـ الم ترى من قبل مسيرة الفخر؟
احس نبيل بالحرج، عانقه بيرنار محاولا اخراجه من الامر واعانته على تفادي الاجابة على السؤال المحرج. اخده من يده، واندمجا وسط الجماهير بحثا عن مكان يمَكنهم من تتبع المسيرة بشكل افضل.
و قفا على الرصيف في ازدحام محموم لعدد كبير من الاشخاص، ظل الاثنان ينظرون الى العربات و ايديهما متشابكتان لكي لا يضيع احدهما وسط الزحام. في هذه الاثناء، كان ذهن نبيل يشطح بعيدا في الذكريات، و بدأ يتذكر صراعاته النفسية مع ميولاته التي ضل يحاربها رافضا اياها. و كيف ان هذا الامر نغص عليه حياته و منعه من الانطلاق فيها. تذكر السنة الماضية حيث كان و حيدا،منعزلا، يصلي و يدعو الله ان يساعده على التخلص من هذه الاحاسيس و من تلك الرغبة. الى اليوم الذي توصل فيه الى الجواب، انه لا يستطيع ان يجعل ميوله يختفي بعصا سحرية وقرر ان يعيش حياته كما هي،و ان يكون صادقا مع نفسه.
استفاق من خيالاته ، نظر الى بيرنارد ثم عانقه كما لو لم يره منذ فترة طويلة. استغرب هذا الفيض من المشاعر، فنبيل ليس من النوع الذي يعبر عن حبه باستمرار وخاصة في الامكنة العامة فسأله:
ـ ما ذا بك، هل انت بخير؟
ـ لا شيء، فقط انا سعيد انني معك
ابتسما لبعضهما، ثم قبله قبلة لم يقبله مثلها و قد دامت عدة لحظات و هذه المرة لم ينهها نبيل مبتعدا عنه بل ظل يحملق في عينه الزرقاوتين ثم قبله مرة اخرى.
ظل الاثنان واقفين و سط الحشد يتابعان المسيرة الى ان انتهت ثم عادا الى نفس المقهى الذي كان هذه المرة مكتظا بالناس الذين يحتفلون بالمسيرة. وجدا اصدقاء بيرناد بالمكان تعرف اليهم نبيل ثم دعوه وبيرناد الى اكمال السهرة في منزل جون.
2
حل الليل، ها هو والد نبيل عائد من مسجد الحي بعد ادائه لصلاة العشاء، دخل الشقة و اذا بنادية تركض نحوه وتعانقه، قبلها واخرج من حقيبته علبة شكولاتة فاعطاها اياها، توجه الى المطبخ ليجد زوجته حليمة لازالت تعد طعام العشاء قبلها على خدها ثم قال:
ـ الم يجهز العشاء بعد؟ اني جائع جدا.
تجيبه و هي منهمكة
ـ اجلس واستريح، سيلزمني بعض الوقت لإنهائه.
وهو يهم بالخروج من المطبخ سألها
ـ اين هو نبيل؟
ـ لقد خرج منذ الصباح ،و لم يعد الى الان. لكنه اتصل بي ليعلمني انه سيتأخر قليلا.
جلس الاب على الاريكة، و اشعل التلفاز ليتابع اخبار اليوم كالعادة، اخد في متابعة الربوطاجات حول الأزمة المالية و بدأ في التعليق عليها كما ألف و هو يحدث نفسه. واذا بمقدم الاخبار يعلن عن ربوطاج حول المسيرة الفخرية للمثليين فبدأ يحدث نفسه.
ـ لعنة الله عليهم، الا يخجلون من انفسهم. و يجاهرون بما يقترفون من ذنب، سيحرقون جميعا في نار جهنم و عندها سيذقون العذاب.
و ينتهي الربورطاج بمشهد شابان يقبلان بعضهما و يعلق عليه المذيع قائلا و للحب اوجه عديدة.
يقفز الاب من مكانه كمن صعق بتيار كهربائي، حاول ان يضغط على جهاز التحكم ليوقف الصورة الا ان الدهشة و الارتباك حال دون ذالك. لقد خيل له انه رأى ابنه يقبل رجلا. لم يتململ من مكانه لبرهة، ظل يتساءل اذا ما رآه حقيقة او فقط خيل له من فرط التعب.فجأة قام من مكانه مسرعا و اتجه نحو غرفة ابنه حيث يوجد الحاسوب المنزلي. لقد تذكر ان بامكانه اعادة مشاهدة الاخبار على الموقع الالكتروني للقناة.
شغل الحاسوب وهو في شدة التوثر، ادخل عنوان موقع القناة ونقر الرابط المؤدي الى اخبار اليوم. بحث بين مقاطع الفيديو الى ان وجد المقطع المتعلق بالمسيرة الفخرية للمثليين فشغلها. مر سريعا عليها بغية الوصول الى المشهد الاخير، اوقف الصورة و اخد يمررها ببطء ليتحقق من الشخص الذي يقبل الشاب. فصرخ دون ان يشعر
ـ والله انه هو.
مررها مرارا و تكرارا محاولا ان يكذب نفسه الا انه لا يزيد الا تأكدا. جلسا على السرير شبه مغيب و بدأ يفكر ماذا يفعل وبدأ يتساءل اين هو ابنه الآن؟ و مع من؟ و ماذا يفعل؟
وقف و بدأ يبحث في خزانة ملابس نبيل لعله يجد شيءً يؤكد الامر اكثر، لكنه لم يجد اي شيء. فتوجه مرة اخرى الى الحاسوب و بدأ يبحث في تاريخ المواقع الا انه لم يجد اي موقع غير موقع الياهو فدخله و اذا به في علبة الايميلات الخاصة بابنه فاخد يتفحصها حيث ان اغلبها من شخص يدعى بيرنارد،قرأها و هو يرتجف غضبا من محتواها الذي ينتهي دائما بكلمة احبك.
خرج من الغرفة يشتاط غيضا، جلس على الاريكة، فنادته زوجته لتناول العشاء فأجابها صارخا
ـ لا اريد ان اكل، فقط اتركني و شأني ثم استرسل قائلا الم يقل لكِ ابنك متى سيعود؟
اجابته بالنفي مستغربة غضبه.
فوضع رأسه بين كفيه مطأطِاً ثم قال
ـ سأنتظره حتي ولو الى الفجر



ستحدث أن شاء الله فى يوم 1/1/2012 فى مصر
ردحذفاليوم الوطنى للمثليين فى مصر
اخي العزيز اريد محادثتك عن شي يخص المثليين
ردحذفمشروع صغير أريدك ان تكون ضمنه ارجوك راسلني على اميلي الخاص k-o-m-d@hotmail.com
أنا في انتظارك
ياجميل ياجميل ياساده حبك جننى زيادة ياجميل من يوم حبيتك فتشتا عليك ماليقيتك
ردحذفاشيل وامش ولا شنو
ردحذفالنصر للمثليين ✌
ردحذف