positionnement site, Référencement internet professionnel...

الاثنين، 24 ماي 2010

مثلي مثلك : الجزء الثاني

3
جلس جافلا على الاريكة، يحملق في الفراغ. لم يتحرك لساعات،جسده الضخم انغرس في المكان.ساكن لكن ذهنه مشغول، لقد هدأت ثورة غضبه الا انه لايزال يفكر و يتساءل ماذا فعل بحياته ليستحق عقابا كهذا. فتش في خبايا ذاكرته، قلبها يمينا و شمالا عله يجد شيئا آقترفته يداه ليعاقب عليه و اي عقاب. ابن شاذ. يا إلهي، قال في قرارة نفسه ، ابني أنا. انا الذي تركت بلدي وجئت ها هنا، في هذا البلد، الذي لا يحترمنا ولا يعترف بنا. الذي يعتبرنا مواطنين من الدرجة الثانية. تحملت لأجله كل شيء، المهانات و النظرات الدونية، عمل لا أحبه كل هذا لأضمن له العيش الكريم و فرصة لمستقبل افضل.
هكذا يجازيني على تضحياتي. لابد انه مريض، هذا فعل لا يُقدم عليه الا المرضى. لكن ما سبب هذا المرض؟ لا أدري. يقولون ان السبب هي التربية، هل تربيتي له كانت خطأ؟ لا أظن ذلك، فلقد بدلت كل ما في وسعي. ربيته كما رُبِييت على الأخلاق الحميدة وبينت له الخطأ من الصواب. أهي امه السبب؟ لقد دللته، نعم لقد افسدته بدلالها. ليست وحدها السبب انا ايضا منحته مطلق الحرية، بلا حسيب او رقيب. كنت احسبه رجل عاقل قادر على تحمل المسؤولية. "ر جل"؟ يا الهي لم اعد افهم شيئا.

 تساؤلات كثيرة تزاحمت في ذهنه سببت له صداعا لا يحتمل، جلس مغيبا لساعات لم يسمع فيها نداء زوجته حليمة التي ما فتئت تسأله
 ـ الن تنام؟ ان الساعة قاربت منتصف الليل.
 لم يجبها، و كعادتها ـ الزوجة المتفهمة المطيعة ـ لم ترد ان تتقل عليه بتساؤلاتها بعدما لاحظت ما هو بادٍ عليه من قلق و غضب. فقررت ان تتركه بسلام الى حين ان يريد التكلم في الأمر. بقي وحيدا، ينتقل بين النافدة و الاريكة ذهابا و إيابا. ظل يتفحص الساعة الحائطية بين الفينة و الاخرى يعد الثواني و الدقائق.كلما سمع محرك سيارة تقترب يهرع الى النافدة المطلة على الشارع ظنا منه انه نبيل مستقلا سيارة اجرة. ظل على هذه الحال لساعات الى ان غالبه النعاس فغفى في مكانه.

القى نبيل نظرة سريعة على ساعته التي قاربت الرابعة صباحا وهو يفتح الباب بدون ان يحدث اي ضجة رغبة منه ان يتسلل الى غرفته كي لا يوقظ احدا من افراد عائلته التي ظن انها تغط في النوم. ما ان دخل البهو الذي يتوسط الشقة حتى وقعت عيناه على والده وهو نائم على الاريكة بوضع غير مريح فقرر ان يوقظه ليذهب لنوم على سريره. مد يده برفق وهز كتف والده وهو يقول:
ـ والدي، قم لتنام في سريرك
 فتح والده عينه بتتاقل و وجه نبيل يقابله، نظر اليه لوهلة آستشاط غضبا بعد ان تذكر احداث الليلة فصفعه وهو يقول:
 ـ اين كنت، كم الساعة الآن؟
 سقط نبيل على مؤخرته بعدما فقد توازنه و اصيب بالذهول من رد فعل والده فقال وهو يحاول القيام من على الأرض
 ـ انا حقا آسف، لقد كنت في حفلة مع بعض الاصدقاء و لم اشعر بالوقت.
 اجابه والده و في عينه حمرة شديدة
ـ اين هو هاتفك، امك حاولت الاتصال بك طيلة اليوم؟ اخرج نبيل هاتفه من جيب بنطاله و هو يقول:
 ـ نعم هاتفي كان غير مشغل لأن البطارية كانت فارغة.
 تقدم والده كأنما اراد شن هجوم عليه، تراجع نبيل و تموضع خلف الطاولة التي حالت دون ان يطال والده وجهه مرة اخرى. و قف في مكانه مشدوها، لم يرفع والده يوما يده عليه حتى حين اقترف افدح الأخطاء. لقد كان دائما من المدافعين و المنادين بضرورة الحوار و بعدم نجاعة استخدام العنف لتقويم و التربية. لقد كان يستغرب الغضب العارم الذي يعلو وجهه و هو يقول في نفسه كل هذا لأني تأخرت، كأنها المرة الأولى.فتح فاه ليعتذر:
ـ أعلم اني تأخرت كثيرا، انا حقا آسف... 
قاطعه والده و بدأ يصرخ في وجه وانفاسه تتقطع
ـ أهكذا تجازيني؟ ماذا فعلت لك؟
اجابه نبيل في استغراب 
ـ لكن ماذا فعلت لكل هذا الغضب؟ لقد اعتذرت مرارا وتكرارا لتأخري. ليس لي ان افعل غير ذلك.
اجابة نبيل الوقحة زادت الطينة بلة، و دفعت والده لمحاولة الإنهيال عليه بالضرب وملاحقته في ارجاء البهو الا انه لم يستطع الامساك به. ومع كل محاولة فاشلة كان غضب والده يزداد و صوت سبابه يرتفع. ايقض الصراخ والدة نبيل، فخرجت مسرعتا الى وسط الشقة، فوجدت زوجها و قد حاصر نبيل قرب النافذة و وجه اليه صفعة مدوية. وقفت امام زوجها رغبة منها حماية ابنها الذي بدأت عيناه تدمع من شدة الصفعة التي تلاقاها وهمست:
ـ ماذا يجري؟ ماذا وقع؟ لماذا كل هذا الصراخ؟ ستوقضون نادية و الجيران. لم يعرها زوجها اهتماما، تجاوزها و امسك بذراع نبيل متوجها نحو غرفته. حاولت اللحاق بهما الا انه اغلق الباب في وجهها. ظلت واقفة مسمرة خارج الغرفة خوفا من ان يعلو صوتهما او ان يحتد نقاشهما، الا انها لم تسمع شيئا.

4
اجلسه والده على السرير و جلس هو على كرسي المكتب دون ان ينظر اليه محاولة منه لتهدأت روعه و آستعادة التحكم في نفسه.مرت عدة دقائق في صمت تام، الا ان كسر نبيل هذا السكون القاتل بسؤاله.
ـ لست ادري لماذا انت غاضب لهذه الدرجة ؟  لقد تأخرت اعلم ذالك لكن هذا ليس مبررا لتتعامل معي بهذه الطريقة.
قام والده فجأة من مكانه متجها نحوه وضع نبيل يده امام وجهه خوفا ان تكون هناك صفعة اخرى او لكمة هذه المرة. الا ان اباه ابعد يده برفق و اخد ينظر الى وجهه و يتفقد آثار الصفعتين وقال:
ـ انا آسف، لقد تملكني الغضب. 
ظل نبيل على حذره ظنا منه انها حيلة ليتمكن والده من وجهه مرة اخرى. عاد والده الى الكرسي وهو يتحاشى النظر الى وجه نبيل وبدأ يسأله
ـ اين كنت طيلة اليوم ؟
اجابه نبيل في حنق فقد مل من اعادة نفس الكلام
ـ لقد كنت مع بعض الاصدقاء في حفل رفع وجهه وسأله مرة اخرى
ـ هل كنت بمفردك او بصحبة بيرنارد؟
استغرب نبيـل هذا السؤال فوالده لم يكن يعرف بيرنارد الا انه فكر انها امه التي قالت له ان بيرنارد مر لأخذه بالصباح فأجاب في لامبالاة
ـ نعم، كنت انا وبيرنارد واصدقاء آخرون.
علا التهجم وجه ابيه فطأطأه لإخفاءه اكمل قائلا:
ـ و من اين تعـرف بيرنارد هذا؟
اجاب وبذرة الشك والريبة زرعت في حفيظـته لغرابة هذه الأسئلة 
ـ صديق تعرفت اليه عن طريق بعض الرفقاء.
في سرعة و كأنه حضر هذه الأسئلة مسبقا قال:
ـ اي نوع من الصداقة تجمعكما؟
ازداد الشك في نفس نبيل، فقرر ان يوقف هذا التحقيق: 
ـ لماذا كل هذه الاسئلة التي لا فائدة منها؟
امتزج وجه ابيه بين الفرح لأنه احس انه اكتشف كذب ابنه و بين الحزن لأن رد فعل نبيل يؤكد ان هناك امرا مريبا في هذه الصداقة التي تجمعه ببيرنارد ذاك.فرد:
ـ تريد ان تعلم لماذا هذه الاسئلة، سترى بأم عينك لماذا.
التفت نحو الحاسوب و شغله ولم ينبس بكلمة، تملك نبيل الخوف لأنه علم ان والده قد قرأ الرسائل التي في بريده الشخصي ، الآن فهم كل هذه الأسئلة حول بيرنارد. لقد كشف امره. جلس دون تكلم، كان يفكر كيف له ان يتملص منها، كيف يفسرها لوالده الا ان الامر استعصى عليه فجلس مستسلما للأمر الواقع.اخد ينظر الى والده وهو يتصفح موقع الأخبار فلم يفهم شيئا، فرح بعض الشيء لأنه قد اخطأ التخمين و والده لم يقرب بريده الشخصي. ظل يراقبه الا ان التفت والده اليه قائلا:
ـ قم، تعال لترى و ستعلم لماذا كل هذه الاسئلة.
وقف و اقترب من الحاسوب في حذر و ارتباك، تابع الدقائق الاخيرة من شريط الفديو على الموقع الذي يقدم تقريرا على المسيرة الفخرية للمثليين وحين شاهد الثواني الاخيرة أصيب بالدهشة انه هو، انه يتابع نفسه وهو يقبل بيرنارد احس برعشة كما لو سكبت كوب ماء بارد على رأسه. ظل يمعن النظر في الشاشة مع ان الشريط انتهى. ايقظه والده من دهشته و هو يقول:
ـ افهمت الآن لماذا كل هذه الأسئلة؟
لم يتفوه بكلمة، جلس فوق السرير فأكمل والده
ـ أيمكن ان تشرح لي ماهذا؟ و رجاء ا لاتحاول الكذب و ان تقول لي انك لست الذي على الشريط لاني تحققت مرارا و تكرارا.
ظل نبيل ينظر الى الارض دون حراك، حاول ان يجد مخرجا من هذا المأزق الى ان عقله توقف عن التفكير فقرر ان يقول الحقيقة ربما هذه فرصته ليخرج من الظل و ان يتخلص من الثقل الذي كان على كاهله.
ـ تريد ان تعرف ماهذا سأخبرك لكن ارجوك ان تحاول ان تفهمني. لم يجبه والده فاسترسل في حديثه وعينه لا تزال ملتصقة بالارض 
ـ ابي، الحقيقة هي ... هي اني مثلي
ينظر اليه والده عابسا ووجهه علاه السواد، لم يكن ينتظر ان تكون هذه اجابة نبيل. فسأله مرة اخرى محاولا دفعه لنفي الامر. 
ـ هل يعي ماتقول؟ هل انت متأكد ؟ ان ماتقوله في غاية الجدية وانه لأمر خطير.
لم تزعزع هذه الاسئلة نبيل، فقد عزم أمره على ان يقول الحقيقة ويخرج من الظل فاسترسل قائلا:
ـ ادري انه امر فاجأك وانك لاتعلم كيف تتعامل معه .ان تعلم ان ابنك الوحيد، مثلي ليس بالشيء الهين. لكن شيء واحد ارجوه منك، اسمعني،اسمعني وحاول ان تفهمني. 
ظل والده دون كلام مفسحا المجال لنبيل:
ـ لست اعلم منذ متى ولماذا، لكني لطالما شعرت اني مختلف عن باقي الاولاد. كنت اميل دوما للانعزال و الإبتعاد عن من كانو حولي لأني لم اجد في نفسي شيئا منهم. مرت ايامي هكذا في وحدة قاتلة مع اني كنت محاطا بالكثيرين الى ان بلغت الرابعة عشر من العمر وقد ولجت المدرسة الإعدادية، حينها بدأت في فهم مشاعري وسبيلي لذلك كان رفيقا بالصف، جمعتنا صداقة قوية حيث كنا لا نفارق بعضنا البعض، الا ان هذه الصداقة مالبتت ان تحولت لشيء اعمق، رافقني هذا الشعور،سكن داخلي و ملئ وجداني لكني لم استشف معناه حين اذن لأنه كان جديدا علي.لم اشعره من قبل.
يقاطعه والده و الإستياء باد على وجه: 
ـ لا اريد ان اسمع المزيد، هل فقدت عقلك؟ هل تفهم ما تقول؟ يجيبه نبيل و عينه ملتصقتان بالارض
ـ نعم أنا أعلم جيدا؟ اجوك اسمح لي ان اكمل، لست ادري إن كنت سأتمتع بالشجاعة لقول هذه الأمور مرة اخرى.
لم ينتظر نبيل جواب ابيه واكمل كلامه قائلا 
ـ اقنعت نفسي انها مشاعر صداقة اخوية ليس الا، ولأظل هانئ البال قررت ان اقطع علاقتي بذلك الصبي وان لا اكلمه او التقيه. بدأت الامور تسير بشكل جيد مع اني كنت اعاني نفسيا... في ليلة من الليالي قمت مذعورا و مرتبكا من النوم فقد حلمت بذلك الفتى ولم يكن حلما عاديا.
نظر الى والده كأنه يريد قل شيء الا انه عدل بن ذلك و اكمل حديثه
ـ لم ادري ماذا افعل، لم استطع النوم تلك الليلة. كرهت نفسي، كرهت تلك المشاعر التي سكنتني. ذرفت بعض الدمعات ودعوة الله مرات عديدة ان يبعد عني تلك الهواجس و الافكار. شعرت بالاشمئزاز، كنت أريد أن يموت ، لذلك كنت أفكر في وضع حد لحياتي الا ان صورة  امي التي لم تفارقني منعتني من ذلك.
ظل والده مشدوها امام كلماته، لم يكن يعلم ماذا يفعل؟الى اين يتجه؟ لقد كان ممزقا. من جهة، رق قلبه للمعاناة التي عاشها ابنه في صمت ومن جهة اخرى شعوره بالخزي و الاشمئزاز منه. جامد دون حراك، حاول ان يفهم ابنه الا ان كلماته التي نزلت عليه كالصاعقة جعلته ينفض و يثور:
ـ اتظن ان كلماتك هذه ستجعلني اشفق عليك، انت مخطئ تماما. انت تعلم ان ماتقول انك عليه او تظن انك عليه او تشعر به حــرام. ابني انا، لن يكون يوما واحدا من هؤلاء المرضى المهوسيين الخطاة. لست شاذا، لا ابدا.
نبيل كان يعلم جيدا كيف ستكون ردة فعل ابيه، بل كان ينتظرها، اعتبرها طبيعية ومنطقية. لم يحرك نبيل ساكنا،ظلت عيناه على الارض منتظرا الأسوأ فلقد طالما سمع عن هؤلاء الأباء الذين يلقون فلذات اكبادهم في الشارع ما ان يعلمو بمثليتهم، أو الأسوأ من ذلك، يحتجزونهم في مانزلهم دون طعام او شراب. لكنه يعلم ان والده ليس كهؤلاء او على الأقل يتمنى ذلك. استمر والده في الكلام الا ان نبيل كان يفكر في امور اخرى كأين سيعيش اذا رماه ابوه في الشارع.
ـ انا متأكد ان بيرنارد ذاك هو من ادخل هذه التفاهات في رأسك، لم اعد اعرفك. 
ما إن لفظت شفتا والده اسم بيرنارد حتى تمرد نبيل دون وعي من مكانه مدافعا عنه:
ـ ليس لبيرنارد دخل في الأمر.
ابتسم والده باستهزاء ثم قال:
ـ تدافع عنه، جميل...
شعر نبيل بالاحراج من ردة فعله المبالغ فيها فعاد لمكانه فاكمل والده
ـ ماهذا الحماس، أتحبه؟ لهذا تدافع عنه بهذه الطريقة. آه لقد ضعت،سوف تحترق في النار إلى الأبد. وأنا لا أتمنى لك أن تذوق هذا العذاب لكنك ستفعل ان استمريت في غيك و ضلالك...
صوت باب الغرفة يطرق قاطع حديثهما، على الباب كانت ام نبيل ارادت ان تنبه زوجها انه موعد صلاة الفجر و في نفس الوقت ان تطمئن عليهما بعد المشاجرة التي شاهدتها. سألت نبيل بعد ان فتح الباب هل كل شيء بخير اجابها بنعم محركا رأسه. ثم اغلق الباب و قال:
ـ إنها امي ارادت ان تنبهك انه موعد الصلاة
القى والده نظرة سريعة على ساعته ثم قال: 
ـ نعم هذا صحيح ، ستأتي معي إلى المسجد ، أريد منك أن تتحدث مع الإمام ليشرح لك خطورة ماتقول وعواقبه الوخيمة لأنك لا تزال على عنادك. 
لم يحاول نبيل الرفض لأن هذا سيثير غضب والده لكنه كان يعرف مسبقا كل ما سوف يسمعه. فقد قرأ كثيرا عن الموضوع وألمّ به.

هناك 6 تعليقات:

  1. الجزء الثالث متئ؟

    ردحذف
  2. قصه حلوه شدتني كتير الرجاء اكمال القصه

    ردحذف
  3. أين التتمة؟؟إننا ننتظر بفارغ الصبر..قصة أكثر من رائعة :)

    ردحذف
  4. اكملها بليز

    ردحذف
  5. اكملل 68

    ردحذف
  6. Kamlo la9sa zwina bazif 3alich makmlich

    ردحذف